عدد الرسائل : 3 نقاط : 9 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 23/05/2009
موضوع: فلسفة الولاء السبت 23 مايو 2009 - 17:38
خلق الانسان في هذا الكون ويتملكه خوفان ، خوف مما هو قائم في دنياه واخر مما هو قادم بعد موته فاستعان على ما هو قائم بغيره و على ما هو قادم بربه ، هنا نشأ نوعان من الانتماء انتماء لله وانتماء للوطن وكلاهما لا ينفي احدهما الاخر
ولما اختلف الناس في شكل انتمائهم لله بين معتقدات شتى ،لم يكن من المعقول ان يختلفوا في انتمائهم للوطن لأن ذلك يوقعهم في تناقض لا يقبل الرفع. وهو ما سيظهر بعد قليل.
فما اجتمع قوم في بقعة جغرافية يتحدثون لغة واحدة وعاشو حينا من الدهر كانت لهم فيها نفس المطالب و الاحتياجات ، الا واعتبروا تلك البقعة الجغرافية وطن يمثل لهم هويتهم في الحياة بل ويمثل لهم الحياة بعينها.
ولما برز مفهوم الدولة و اتضح، زاد الولاء للوطن وضوحا وتميزا باللون و الصوت و الصورة وعضد بمظاهر الانتماء كالعلم والنشيد وغيره من محمولات الانتماء و مظاهره
ولما كان مما هو حد ادنى لوجود وطن ما ورسوخه في قلوب مواطنيه ،ان يكون مشتملا على ماضي جمعهم وحاضر يوحدهم ومستقبل يحقق طموحاتهم وامالهم فانه كحد ادنى لبقاء الولاء و رسوخه الا يكون في الحاضر اشارات على طمس الماضي وتشويهه وما هو مستقبل يستحيل الى ماض اليم ينهى كل امل في بعث الحياة لهذا الولاء
والولاء بوصفه ومعناه بدمج الذات الفردية في ذات اكبر كالأسرة و الجماعة و الوطن ، اذا اردنا ان نفهمه حق الفهم لا بد لنا ان نعي الدافع اليه ، فالدافع للولاء هو الخوف فخوف الانسان مما هو قائم يدفعه الى الاستعانة بمحيط يحميه ويسانده ويحقق له المطلب الاكبر للانسان و الانسانية الا وهو الأمن
فاذا اردنا ان نناقش ولاء فرد او فئة ما لوطن او فكرة او حتى فرد اخر فلا بد لنا ان نناقش ذلك الولاء كما وكيفا بقدر تحقيق تلك الفئة او الوطن للأمن لذلك المطالب بولائه
والولاء يختلف كليا عن الذكريات و النشأة ، فبينما يكون من يدين بالولاء لوطن او فكرة او شخص ما يكون مطالبا بالتضحية في سبيل ذلك الوطن بماله ونفسه، لا يتحمل من له مجرد ذكريات و نشأة اولى فيه بأي من تلك المطالب.
وهنا يبرز التناقض الذي لا يمكن رفعه ، كيف نطالب فرد ا او فئة او مجموعة بأن تدين بالولاء لوطن او فكرة او رجل وهو لا يحقق لها الأمن ناهيك عن المساواة و العدل والحرية ومكمن الخطورة هنا ان الولاء للوطن هو كائن حي يحتاج في نموه الى غذاء وهواء غذاءه العدل والحرية و المساواة وهواءه الأمن فاذا فقد الأمن لفرد او فئة او جماعة فكيف يكون ذلك الوطن وطنا لهم، الا تدركون ان كلمة الوطن تعنى الامن و الاستقرار
وما نراه من مشاعر وذكريات هو حنين الى ماضي فائت لكنه لا يمثل الولاء بالطبع ، فالولاء كما ذكرت كائن حي يحتاج الى مقومات الحياة
وما هو مهم الان ان يدرك الناس اهمية الولاء ومتطلباته والا فكيف يطالب به الناس فضلا عن انه يحاسبهم عليهأو يتهمهم ..
في المرة القادمة اتحدث عن الولاء الديني وكيف انه لا يتناقض مع الولاء الى الوطن مهما كان الدين او المعتقد او اللا معتقد