موضوع: في ذكرى استشهاد كنفاني...عميد الادب الفلسطيني الجمعة 3 يوليو 2009 - 16:30
أقليل ما علمتنا يا غسان...؟؟ وقليل مما علمتنا................ عرفانا مني كقارىء لهذا المفكر الكاتب المبدع الخلاق أتقدم بهذه الكلمات البسيطة.
تتوقف قيمة الأعمال الأدبية على درجة ارتباطها بالواقع الاجتماعي، و لا يكفي الارتباط بهذا الواقع أن يكون الكاتب مرآه تعكس الواقع كما هو، بل ينبغي عليه أن يغير و يعمق، وان يقدم رؤية متفائلة لما يجب أن يكون عليه الواقع. نعم هكذا كان غسان كنفاني وهكذا كان أدبه، بل فكره الذي يعد انطلاقة في الفكر العربي، فلم يكن تلك المرآة التي عكست واقع الشعب الفلسطيني بكل معاناته من اغتصاب أرضه حتى تشريده منها، بل طرح أكثر من ذلك، طرح ضرورة التغيير الاجتماعي و السياسي في بنية المجتمع العربي عامة و الفلسطيني خاصة، فلم يكتب غسان عن المقاومة و ضرورتها و هو جالس على مكتبه بل حمل البندقية قبل أن يكتب ذلك، فكان غسان المقاتل النازح، المقاتل ابن الخيمة قبل أن يكون كاتبا، و لم يكتب في فندق أو على ساحل البحر أو في حديقة في أوروبا، بل عاش التجربة، وكتاباته لم تكن بعيدة عنها، تشرد و عاش حياة المخيم بكل ما فيها من قهر و ذل، و عاش إبعاد المقاومة فكتب و أبدع في ذلك و كانت كتاباته تحريضية مسلحة بفكر و نظرية ثورية و ممارسة عملية. أدب غسان كنفاني لم يكن أدبا توفيقيا، فلم يرى غسان الواقع الذي كتب عنه في حالة انسجام بل مفعم بالتناقضات و الصراعات و لم يكن يعمل على التوفيق بين الإنسان و واقعه بل كان يحرض و يسهم في عملية تغييره نحو واقع أفضل. ولم يكن أدبا نقديا ليبراليا، فقد طرح الرؤية، ولم يكن من أدب اللامواجهه فكان تحريضيا، ولم بكن من أدب الخضوع و التمرد الفردي فكان أدبه جماهيريا كلية و مدعوما بالثورة، فكان طليعيا انطلق من الفقراء و الكادحين و إليهم.يهدف إلى خلق وعي جديد في سبيل تحول الواقع تحولا جذريا و إقامة نظام جديد يحرر الإنسان و يكون الإنسان في حالة صراع لتجاوز واقعه و الإسهام في صنع مصيره و تحول مجتمعه. و نرى أن القارىء لأدب غسان يشارك الكاتب الأحداث و عملية الخلق و التغيير ليسهم في تكوين الوعي الذي يريد خلقه غسان، حتى نجد أن القارىء نفسه هو احد المشاركين في العمل الأدبي أو يحس بشخوص الرواية مثلا، انه أدب يرى فيه المقاومون أنفسهم و يراهم فيه و يحس فيهم كل الناس. أدب غسان كنفاني الذي عكس مرحلة تاريخية من تاريخ شعبنا الفلسطيني و ارتبط جليا بظروفه، ظروف الإنسان غير الطبيعية، ظروف الحرب و المقاومة و تقرير المصير التاريخي و الصراع مع الصهيونية، يحمل صورة المقاومة و الصمود و الثورة و يهدف لخدمة جماهيره، و هو الأدب الملتزم الذي هو بالأساس أدب الطبقة الأكبر و الأكثر معاناة و عذابا في ظل الاحتلال، طبقة الكادحين و الفقراء، فغسان الإنسان جعل موقع الإنسان إلى حدود الالتحام مع الموقف الأدبي، و جعل الأدب فعلا لخدمة هذا الإنسان و تسلح بنظرية ثورية و ساهم بالعملية الثورية بنفسه كانسان و مقاتل و سياسي و كاتب و أحيانا فنان، لأنه خرج من صلب هذه الأرض الطيبة.