عدد الرسائل : 44 العمر : 39 نقاط : 66 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 10/11/2008
موضوع: انتفاضة شعبية باليونان 2008 / 12 / 16 الثلاثاء 16 ديسمبر 2008 - 7:14
انتفاضة شعبية باليونان
2008 / 12 / 16
الاثنين 15 كانون الأول (ديسمبر) 2008
اندرياس سارتزكيس
حي Exarcheia ، وسط أثينا، من أكثر الأحياء نبضا بالحياة. تمكن لحد الآن من تفادي مصير أحياء أخرى جرى تجديدها لتصبح خارج المتناول، فظل سكانها خليطا اجتماعيا: عمال وحرفيون قدامى وطلاب ومهن فكرية... ويعج هذا الحي بالمقاهي والحانات ومسارح صغيرة، وبالقرب منه كليات عديدة، منها مدرسة بوليتكنيك التاريخية ( بلا نظام عسكري)، ولذا يجذب هذا الحي شباب عديدين كل نهاية أسبوع.
وفي الآن ذاته، وبذريعة حالات تدهور امني أصبحت الشرطة ظاهرة به أكثر فأكثر ومستفزة أيضا. يوم السبت 6 ديسمبر التحق الشاب اليكسي غريغوروبولوس ، البالغ 15 سنة، بحي Exarcheia لقضاء أمسية شيقة مع أصدقائه.
ويبدو انه بمرور شرطيين، أطلقت مجموعة الشباب أسماء طيور صوبهم كما يفعل شباب يونانيون عديدون كل يوم. و لا مظاهرة إذن ولا رمي بالحجارة خلافا لما نشرت وسائل العلام بشكل ممنهج في فرنسا مقتفية بذلك آثار وزارة داخلية اليونان. على ما يبدو كان رد احد الشرطيين من " القوات الخاصة" إطلاق 3 رصاصات بلا إنذار على صدر اليكسي. لا شك إذن ان الأمر ليس "خطأ" ( الشرطي يقول ان الرصاصة ارتدت)..
ليس العنف البوليسي جديدا، إذ يذكر اغتيال اليكسي بنظيره عام 1985 الذي أودى بحياة مكاليس كاتيزاس، البالغ 15 سنة. لكن جلي أن القمع أصبح منهجيا منذ سنتين: خلال التعبئات الطلابية لعامي 2006-2007 بلغ القمع الأوج بضرب جماعة من الشرطة لطالب قبرصي إلى ان اعتقدوا أنه مات. ومذاك تواجه كل مظاهرة على نحو منهجي الهراوات والغاز المسيل للدموع كما حدث يوم 4 ديسمبر خلال مظاهرة الطلاب الكبرى المنددة بالهجوم القوي لليمين صوب فتح كليات خاصة.
ونفس المعاملة لقيتها مظاهرات العمال أو السكان المناضلين ضد التلويث. و لا داعي لإضافة ان المهاجرين، بأوراق ثبوتية أو بدونها، موضوعون في مقدمة المستهدفين، ويبدو أن سبب وفاة مواطن باكستاني مؤخرا في مخفر شرطة هو وحشية البوليس. باستقوائهم بهذا الإفلات من العقاب ، يعتقد " الباتسي" أن كل شيء مباح لهم ، مستفيدين لحد الآن من تغطية وزير " النظام العام": ان قتل اليكسي يندرج في هذه السيرورة المقلقة.
أدت جريمة القتل هذه إلى موجة تأثر كبيرة في اليونان كله، بجميع الأجيال، وهو جلي في مظاهرة الأحد 7 ديسمبر. وفي اليوم التالي تظاهر شباب المدارس في كل أرجاء اليونان مع مشاركة مذهلة للتلاميذ. ويفسر معلقون ُكثر هذا الغضب بسياق البطالة (23 % من الشباب) وبالهشاشة وغياب آفاق. لكن يجب أيضا إدراجه في صلة مباشرة بالتعبئة الدائمة، هذا الخريف، تعبئة الطلاب ضد خصخصة الكليات، والتلاميذ المحتلين للمدارس في غياب وسائل وضد نظام تعليم يدفع إلى اجتياز الامتحانات دون إعداد والى الدروس التكميلية الخاصة... أن يتعرض شاب مثلهم، أراد الإفلات خلال أمسية من هذا التكييف، لإطلاق رصاص ، هذا ما اعتبره الشباب غير محتمل. وفي القادم من الأيام يكمن الرهان في قدرة الشباب على هيكلة ديمقراطية لتمردهم، كما بدا الطلاب يفعلون.
أزمة وقمع
جرت مظاهرات أخرى : ليلة ساخنة وسط أثينا، ليلة السبت إلى الأحد، مع تدمير محلات تجارية . وبعد زوال الأحد 7 ديسمبر سارت آلاف عديدة من المتظاهرين حتى مركز الشرطة بدعوة حصرية تقريبا من أقصى اليسار من Synaspismos إلى التيار المستقل. ومساء الاثنين 8 ديسمبر ضمت مظاهرتان زهاء 5 آلاف شخص للحزب الشيوعي و أكثر من 10 آلاف لأقصى اليسار و Syriza . لكن ما من أحد تحدث عن حجم هذه المظاهرات: ما يشكل حدثا هو مشاهد التكسير التي بلغت ليلة الأحد إلى الاثنين مستوى غير مسبوق ومقلق إذ كاد أشخاص عديدون يحترقون في مكاتب أضرمت بها النار.
إن كان جليا أن هذه الأفعال التي جرت بمدن عديدة بالبلد تعبر عن اليأس الاجتماعي، فإن صلتها قليلة مع تمرد الضواحي الشعبية بفرنسا. لتفادي المأزق، المرعب بقدر عجز اليسار وأقصى اليسار عن تنظيم تعبئات اجتماعية وحدوية وحازمة، يجب ان يتزود الغضب الاجتماعي بأشكال ومنافذ سياسية.
إن الأمر المستعجل فصاعدا هو تطوير تعبئات الشباب في صلة بنضالات العمال – من المنتظر تنظيم إضراب عام مدة 24 ساعة يوم 10 ديسمبر بينما اضرب المدرسون. إنها أفضل وسيلة لنشر الوعي بالعلاقة بين الأزمة الرأسمالية والقمع البوليسي الذي تشنه حكومة اليمين الليبرالي التي يتعين على الحركة الاجتماعية ان تطردها.