عدد الرسائل : 97 العمر : 36 نقاط : 53 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 09/11/2008
موضوع: في عزوف الشباب عن السياسة الإثنين 16 فبراير 2009 - 6:43
في عزوف الشباب عن السياسة
ليس العزوف عن السياسية لفئة عمرية تنصف بالحيوية نتاجا اعتباطيا لواقع تتداخل فيه مختلف الاسباب والمسببات ، دلك ان كلمة العزوف في حد داتها تقتضي منا التدقيق والتمحيص بمعنى : هل نحن بالفعل بصدد الحديث عن عزوف فئة عمرية عريضة عن السياسة ام ان العزوف في حد داته هو شكل من اشكال التعبير عن الدات، برفض هدا الواقع السياسي العقيم ففي المغرب مثلا غالبا ما ترفع الدولة اصواتها وشعاراتها المجلجلة حاثة الشباب على الانخراط الشكلي في اللعبة الانتخابية في حين يمارس الشباب نوعا من المقاطعة البديهية لكافة المبادرات الحكومية والغير الحكومية كنتاج طبيعي عن الفساد المستشري في هياكلها وتاكل خطابها الديماغوجي بل وانكشاف عورة الأحزاب اللقيطة ، مما نتج عنه تشكل واقع نفسي وفكري رفضي لكل مبادرة او مقترح ، وادا كان بالأمس يجد الشباب ضالتهم في الخطاب اليساري المتحمس وفي الاجواء التي صاحبت جيل التحرر الوطني المطالب بمجتمع عادل وغير طبقي. فان جيل اليوم المصاحب لأفول نجم الاشتراكية يجد ضالته في تبني الخطاب الديني كخطاب يستلهم مقوماتها من حالة التيهان وخلط الأوراق التي تسببت فيها سياسة الدولة...وبالتالي يلزمنا القول إن عزوف الشباب المغربي عن السياسة يتأصل في طبيعته إلى عوامل تاريخية شكلت امتدادا لمرحلة تميزت بالقمع كما انه نتاج منظومة أبوية تسلطية استلهمت قاعدتها من المناخ الدولاتي القمعي ومن مناهج تربوية –سلطوية لترعرع الفكر التحرري:
1- نتاج سياسات القمع :
مارست الدولة المغربية الحديثة طيلة سنوات تشكلها الطبقي – ابان الاستقلال وبعده- حربا ضروسا على الطاقات الشبيبة بدءا بتصفية وسجن شباب الستينيات(قمع دموي لانتفاضة65 ) مرورا بشباب السبعينيات ( الاختطافات والتعذيب والأحكام الصورية بالمؤبد طالت الحركة التلاميدية والطلابية ممثلة في الحركة الماركسية اللينينية بالمغرب او ماسمي بسنوات الرصاص الأسود) والثمانينيات(شهداء وضحايا قمع الانتفاضات الطلابية ) والتسعينيات (نشوء وميلاد حركة المعطلين بالمغرب ولغة الزواطة التي صاحبت حكومة التناوب المزعوم )..
ليست اثار سياسات القمع التي شكلت اللغة الهجينة والمستحبة للنظام المغربي ، سهلة التجاوز او النسيان بالنظر الى حالة الرعب والفوضى التي خلفها طيلة عقود وعقود حيث نتج عنه حالة نزوح جماعية لدى الأسر المغربية إلى مقاطعة مصطلح "السياسة: والنظر إليه وكأنه قنبلة موقوتة تنفجر في وجه كل من يتشدق بمبادئ وقيم الوطنية وتحول ليل الحالمين بوطن ينجلي فيه الظلم إلى كوابيس. ترسم فيه أمالا وردية لناهبي ثروات البلد و تغتال من خلاله امن المواطن المتضرر من نمط الإنتاج ومن تعبيراتها الطبقية .
2- النمطية الأسرية في القمع :
إن نظام الأسرة في تشكله وفي مضمونه هو نتاج طبيعي لهرمية الدولة يخضع فيه لقوانينها ولثقافتها السائدة كما يستمد أصوله من الخطاب الزجري القائم ، انطلاقا من نظرية الحاكم والمحكوم أي انطلاقا من تماثل المنتج بالمستهلك ..يشكل الأب الهرم العنقود الذي تستلهم مبادئه وسلوكياته من المبادئ والأسس العامة ..وهي نفسها التي تشكلت على اثرها النظم الجماعية ، حيث يصبح حكم الفرد كحالة منتجة ، الأداة المرغوبة والمدرة للربح كحالة تسلطية في وجودها وبقاءهاوالعكس كلما انهارت قوتها الإنتاجية ضعفت مقدرتها علىاجارة الصارع الاجتماعي. في حين يشكل الجزء العاطلين الابناء عن العمل العلة في المر دودية وعدم القدرة على المشاركة في الانتاج وهو بدلك يعتبرا جسدا مضرا اكثر مما هو جزء منتجا ومفيدا، وجبت مصادرته ومقاطعته والتقليل من شأن وجهات نظره بل وقمعه ان اقتضت الضرورة أو طرده ، مما يزيد من تكريس واقع الانحراف والتقهقر النفسي والميل الى الانتحار ، الهجرة ، الاجرام..
3- المنهج التربوي التقهقري:
تشكل مناهج التعليم بالمغرب احد المداخل الاساسية في الاجهاز على القدرات الابداعية للطفل وا لشباب المتمدرس ...والهدف من سياسات التعليم الراهنة والتي سبقتها بشكل متفاوت ، ليس التاهيل العلمي والفكري لخوض غمار المستقبل، بل العمل على ادماج اكبر شريحة معينة من الشباب في السوق وزرع حقن التدجين بتكريس نظام هرمي شكلا ومضمون :
شكلا : نظام يقوم على خطب الالقاء وليس التلقي والمشاركة الجماعية ، تعكسها السلطوية الهرمية التي يتزعمها مدير المؤسسة وينوب عليه في تسريب خططه العامة المعلم /الاستاد مما يعرقل تطور ملكة الابداع والاحساس بقيمة الحرية لدى هده الفئة العمرية المبتدئة ، كما ان المناخ العام الدي توحي به من خلال جمودها الظاهري وروتيميتها تبعث على الملل و الاحساس بعدم الرغبة في تلفي العلوم والمعارف ...
مضمونا : العمل على انتاج ثقافة الخنوع والتلقي الغير الخاضع للاقناع من خلال الزام الدارسين بعبارات تفيد النهي والاوامر : اقرا، احسب،فسر ،انجز،املا...وهي عبارات لا تساعد الناشئ على امتلاك روح العمل الجماعي على خلاف عبارات : لنحسب،لننجزز...هدا ويزداد الامر سوءا كلما تدرجنا في المستويات الدراسية ...على ان التخريب الدي عاناه الشباب المتمدرس اثر بشكل جدي في فاعليته وقدرته على الفهم والاستيعاب مما دفع به لان يعتبر المناهج والدروس مجرد مواد للحفظ لا تستدعي اعمال الحس النقدي ...