صرخة مناضل غيور على مستقبل الحركة الطلابيةصرخة مناضل غيور على مستقبل الحركة الطلابية
في الرجوع إلى التجارب النضالية التي خاضتها الحركة الطلابية بمجموعة من المواقع الجامعية، وفي ظل الشتت الذي يعيشه جسد النضال النقابي، سنخلص إلى مسلمة أساسية مفادها أنه بدون أي تنظيم ذاتي للطلاب بكافة المواقع الجامعية فلن يتأتى لنا الوصول إلى تحقيق أية مكاسب بحجم الهجوم الذي يشنه النظام على ما تبقى من مصالح الطلاب، ما عدا الحديث عن مطالب قزمية يحققها الطلاب في خضم صراع ضار يتسم بقمع شديد واعتقالات تعسفية في صفوف المناضلين والطلبة من مثل تأجيل الإمتحانات، التسريع في صرف المنح، إلغاء تزامن الحصص... كل هذا في الوقت الذي يجب فيه على المناضلين التفكير في سبل وآليات تمكن الطلاب من الدفاع عن مطالب كبرى تتعلق بالزيادة في المنح وإلغاء النقطة الموجبة للرسوب ولما لا إرغام النظام عن التراجع عن تطبيق المخططات الإستراتيجية الرامية إلى تفويض التعليم إلى الخواص وفرض الرقابة الطلابية على الجامعة كالجامعات في فنلندا مثلا.
وإذا كانت بعض الفصائل الطلابية بالجامعة تدعو إلى السير على النهج القديم وفرض الوصاية والرقابة على الطلاب، واعتبار نفسها الطليعة الطلابية واقصائهم بذلك من حقهم في التسيير والتوجيه في معاركهم، فإن البعض الآخر يدعو إلى إدماج الطالب بشكل ديمقراطي في مسلسل النضال وتحفيزه على تحمل المسؤولية واتخاد القرار في كل ما يتعلق بمصالحه المادية والمعنوية . ولأن الرأي الأول لا يريد أن يفقد "بابويته" وعنتريته الإستعراضية على الطلاب، فإن الرأي الثاني يريد وينوي بنية حسنة الدفاع بشكل حقيقي وحازم على الحركة الطلابية، ويريد بالفعل الإنغراس في وسط الطلاب كفرد بينهم، لا يتميز عنه إلا بكونه ذو تجربة فكرية وسياسية يلعب دور الموجه في النضال، ومع ذلك فإنه يقيم المتاريس في المواجهات كغيره من الطلاب الآخرين: فهو بذلك منهم وليس موجها لهم عن بعد كما يفعل أصحاب الرأي الأول.
وبصفتي طالبا أوطاميا قبل أن أكون أي شيء آخر، فإنني ومن موقع الغيور على مصير الحركة الطلابية وكل الفصائل اليسارية والتقدمية، أدعو هذه الأخيرة إلى الأخذ على عاتقها القسط الكبير من المسؤولية فيما آلت وستؤول إليه الحركة الطلابية، وأن تفكر بشكل جدي وواقعي في تخمين أفكار وتلاقحها فيما بينها ونبذ العنف الذ لن يخدم إلا مصالح الأعداء الطبقيين، من أجل طرح سبل وطرق جديدة، وتكييفها مع الوضع لضمان أوسع مشاركة طلابية في التقرير والتسيير والتوجيه في المعارك النضالية، وتوعيته في نفس الوقت بأخطار سياسة التعليم ببلادنا بما هي ورقة من بين الأوراق الرابحة للنظام، وبما هي كذلك ورش من أوراش الإستثمار البرجوازي.
ورسالة أخرى إلى مقدسي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب وعابديه: إنكم كالفنان اليوناني الذي رسم لوحة امرأة جميلة فما فتئ أن وقع في حبها، وظل أمامها حتى مات. هكذا هو حال )قاعديي البرنامج المرحلي( بالجامعة المغربية خلق الطلاب من قبل جمعية أوطم سنة 1956 فاستغل من طرف مكونات سياسية معينة في فترات ما بين التأسيس وبداية الثمانينات -1981-، وعندما تم تشتيته وفرض الحظر العملي على هذا التنظيم انكب قاعديو البرنامج المرحلي على ترديده في ورد الحلقيات والنقاشات إلى حدود أنني سمعت أحدهم ذات يوم يقول: إنني أقدس أوطم.
لن أقول بأن أوطم لم يلعب دوره التاريخي الهام في الحركة الطلابية، لكنني أرفض كماركسي مادي يؤمن بأن الماركسية تحيين للوقائع وتكييف النظريات مع الظروف الراهنة، وبذلك فإن نفسي لن تسول لي أن أقع في المثالية وأصير عبدا للأوهام ولبقايا أصنام زين بها الأولون حدائقهم الأمامية. فأوطم في نظري مثل إنسان مختطف أمام أعيننا فقتل، فظل البعض يوهمون نفسهم بأن الشخص لا زال على قيد الحياة وإنه لرهين الإعتقال.
خلاصة المقال أن لكل مقام مقال، وأن لكل ظرف تاريخي وقائعه وأحداثه ومستجداته. فسنوات الإستعمار ليست بسنوات الإحتقلال، و1956 ليست ب 1980 ولا ب 2009... فالتاريخ يمضي ولا بد من تتبع مسيرته والوقوف أمام كل لحظة لطرح تساؤلات وإجابة عنها، وتححين البرامج وتكييفها معها.. هذه هي الماركسية في عموميتها ولنوضحا للذين يدعونها في النظرية ويتجاهلونها في الممارسة.
ليس من طبعي أ أسب أحدا، ولكنني سأقول الحقيقة ولو كانت رصاصا. لأن الغيور بالفعل على الجاهير هو من يقدم إلهم برنامجا كفيلا بإخراجهم من عبوديتهم إلى حريتهم. وفي الأخير هذه دعوة ومناشدة بروح رفاقية إلى كل الفصائل التقدمية إلى مراجعة أفكارها والتنسيق فيما بينها ولما لا فتح جبهات موحدة لإنقاذ التعليم من المخططات النارية التي تحوم بالطالب المغربي. كما أدعو إلى إرساء تقاليد التضامن فيما بين المناضلين التقدميين ونبذ كل الخلافات التي من شأنها أن تخنق آخر عرق نابض بشرايين الحركة الطلابية، وتدخل المناضلين الشرفاء إلى زنازن النظام كمجرمين قالة لا كمناضلين شرفاء.
www.awraq.canalblog.comالرفيق -ب-. طالب ثوري. أكادير