عدد الرسائل : 5 نقاط : 0 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/11/2008
موضوع: كارل ماركس ( الجزء 1 ) الثلاثاء 11 نوفمبر 2008 - 6:57
[b]ولد كارل ماركس في الخامس من أيار / ماي سنة 1818 في مدينة ترير بروسيا الرينانية. وكان أبوه محاميا و كان يهوديا ثم اعتنق البروتستانتية في سنة 1824. ولم تكن عائلة ماركس الميسورة و المثقفة عائلة ثورية. و بعد أن أتم دراسته الثانوية في مدينة ترير دخل جامعة بون ثم جامعة برلين فدرس الحقوق وبنوع خاص التاريخ و الفلسفة. وفي سنة 1841 أنجز دراسته بتقديم أطروحته الجامعية حول فلسفة أبيقور. أما مفاهيمه فكانت حتى ذلك الوقت ما تزال مفاهيم هيغلية – نسبة إلى هيغل – مثالية. و في برلين انضم إلى حلقة "الهيغليين اليساريين" [1] (برونو باور و غيره) الذين كانوا يحاولون أن يستخلصوا من فلسفة هيغل استنتاجات إلحادية و ثورية.
وعندما تخرج ماركس من الجامعة أقام في مدينة بون حيث كان يأمل بالحصول على منصب أستاذ في الجامعة. و لكن السياسة الرجعية التي كانت تسلكها الحكومة كانت قد أقصت، عام 1832، لودفيغ فيورباخ عن منصبه كأستاذ، و عادت في سنة 1837، فرفضت من جديد السماح له بدخول الجامعة و منعت في سنة 1841 الأستاذ الشاب برونو باور من إلقاء محاضرات في بون. هذه السياسة الرجعية اضطرت ماركس إلى العدول عن الحياة الجامعية. في ذلك الوقت كانت أفكار الهيغلية اليسارية تتقدم سريعا جدا في ألمانيا. و كان لودفيغ فيورباخ قد أخذ، منذ 1837 على الخصوص، يوجه النقد إلى علم اللاهوت و يتجه نحو المادية التي أحرزت الغلبة نهائيا عنده في سنة 1841 (كتاب "جوهر المسيحية") و في سنة 1843 ظهر كتابه "أسس فلسفة المستقبل." لقد كتب انجلس فيما بعد حول هذين المؤلفين لفيورباخ: "كان يجب أن يكون الإنسان قد تحسس بنفسه الأثر التحرري لهذين الكتابين... فلقد أصبحنا نحن جميعا" (أي الهيغليين اليساريين بمن فيهم ماركس) "دفعة واحدة من أتباع فيورباخ."[2] و في ذلك الوقت أسس البرجوازيون الراديكاليون في ريناني، الذين كان لهم بعض نقاط تماس مع الهيغليين اليساريين، جريدة معارضة في مدينة كولونيا باسم "الجريدة الرينانية" [3] (التي أخذت تصدر ابتداء من أول كانون الثاني سنة 1842) و قد دعي ماركس وبرونو باور إلى العمل محريين أساسيين فيها. و في تشرين الأول / أوكتوبر سنة 1842 أصبح ماركس رئيس تحريرها فانتقل من مدينة بون إلى كولونيا. و تحت ادارة ماركس أخذ اتجاه الجريدة الديمقراطي الثوري يزداد وضوحا. فعمدت الحكومة في أول الأمر إلى اخضاع الجريدة لرقابة ثنائية بل ثلاثية ثم أمرت بتعطيلها تماما ابتداء من أول كانون الثاني سنة 1843. فاضطر ماركس حينئذ للتخلي عن مركزه في تحرير الجريدة و لكن ذهاب ماركس لم ينقذ الجريدة إذ أنها منعت من الصدور في آذار/ مارس 1843. ومن أهم المقلات التي نشرها ماركس في "الجريدة الرينانية"[4] يشير انجلس إلى مقال حول أوضاع الفلاحين الكرامين في واد الموزيل[5]. و قد أدرك ماركس من نشاطه الصحفي أن معلوماته في الاقتصاد السياسي غير كافية فاندفع بحماسة إلى دراسته.
في سنة 1843 تزوج ماركس في كريزناخ من جيني فون ويستفالن، صديقة طفولته التي خطبها وهو ما يزال طالبا. كانت زوجته تنحدر من عائلة نبيلة رجعية بروسية. وكان أخ جيني فون ويستفالن الأكبر وزيرا للداخلية في بروسيا في مرحلة كانت من أشد المراحل إغراقا في الرجعية وذلك بين 1850 و 1858.
وفي خريف 1843 انتقل ماركس إلى باريس ليصدر في الخارج مجلة راديكالية مع أرنولد روغه (عاش أرنولد روغه من سنة 1802 إلى سنة 1880. وكان هيغيليا يساريا. وسجن من 1825 إلى 1830 و هاجر بعد سنة 1848. و بعد 1866 – 1870 أصبح من أنصار بسمارك). و لكن لم يصدر من هذه المجلة المسماة "الحولية الألمانية الفرنسية" سوى العدد الأول إذ اضطرت للتوقف بسبب الخلافات مع روغه[6]. وفي المقالات التي نشرتها هذه المجلة برز ماركس ثوريا ينادي "بانتقاد لا هوادة فيه لكل ما هو كائن" بما في ذلك "الانتقاد بالسلاح"[7] ويتوجه بالنداء إلى الجماهير و البروليتاريا.
في أيلول / سبتمبر سنة 1844 جاء فريدريك انجلس إلى باريس لقضاء بضعة أيام فيها فأصبح منذ ذلك الحين الصديق الحميم لماركس. و قد أسهم كلاهما بأشد الحماسة في الحياة المحمومة للجماعات الثورية التي كانت آنذاك في باريس (و كانت تولي هناك أهمية خاصة لمذهب برودون[8] وقد صفى ماركس حساب هذا المذهب تصفية قاطعة في كتابه "بؤس الفلسفة" الذي صدر عام 1847) وخاضا نضالا حادا ضد مختلف نظريات الاشتراكية البرجوازية الصغيرة و صاغا نظرية و تكتيك الاشتراكية البروليتارية الثورية أو الشيوعية (الماركسية). راجع مؤلفات ماركس في هذه المرحلة الممتدة من 1844 إلى 1848 في قائمة الكتب. و في سنة 1845 طرد ماركس من باريس لكونه ثوريا خطرا بناء على طلب الحكومة البروسية. فجاء إلى بروكسال و أقام فيها. و في ربيع 1847 انتمى ماركس و انجلس إلى جمعية سرية للدعاية هي "عصبة الشيوعيين"[9] وقاما بقسط بارز في المؤتمر الثاني لهذه العصبة المنعقد في لندن. و في تشرين الثاني / نوفمبر 1847 و بناء على تكليف المؤتمر وضع ماركس و انجلس "بيان الحزب الشيوعي" المشهور الذي نشر في شباط / فبراير 1848. إن هذا الكتاب يعرض بوضوح ودقة عبقريين المفهوم الجديد للعالم، يعرض المادية المتماسكة التي تشمل أيضا ميدان الحياة الاجتماعية و الديالكتيك بوصفه العلم الأوسع و الأعمق للتطور و نظرية النضال الطبقي و الدور الثوري الذي تضطلع به البروليتاري، خالقة المجتمع الجديد، المجتمع الشيوعي، في التاريخ العالمي.
و عندما انفجرت ثورة شباط/فبراير 1848 [10] طرد ماركس من بلجيكا فعاد إلى باريس ليتركها بعد ثورة آذار/مارس [11] و يعود إلى ألمانيا ليقيم في مدينة كولونيا حيث صدرت من أول حزيران/جوان 1848 إلى 19 أيار/ماي سنة 1849 "الجريدة الرينانية الجديدة"[12] التي كان ماركس رئيس تحريرها. وقد أثبت مجرى الاحداث الثورية في 1848–1849 كما أثبتت فيما بعد جميع الحركات البروليتارية و الديمقراطية في جميع بلدان العالم صحة النظرية الجديدة على نحو ساطع. في بادئ الأمر أقدمت الحركة الظافرة المعادية للثورة على إحالة ماركس إلى القضاء (لكن تم تبرئته في 9 شباط/فبراير 1849) ثم نفته من ألمانيا في 16 أيار/ماي 1849. فانتقل أولا إلى باريس حيث طرد منها أيضا بعد تظاهرة 13 حزيران/جوان 1849 [13]. ثم ذهب إلى لندن حيث عاش حتى آخر أيامه.[/b]