[size=18][/sizقامت الماركسية على الرسالة المسيحية ، القائلة بأن تحب لغيرك مثلما تحب لنفسك ، وبذات الوقت رآى كارل ماركس ان الحب بين شخصين هو قوة مذهلة وثورية .
لقد نبعت النظرات الماركسية من الرسالة المسيحية بصدد حب المرء لاخوانه في
الانسانية . ويتعذر وجود نظريات كالاشتراكية في المجتمعات غير المسيحية . كما
تعاطف ماركس كثيرا مع البؤساء والفقراء الذين عانوا من نير التصنيع في انجلترة
، فكان نضاله مع الفقراء نضالا مسيحيا .
أراد ماركس أن يقضي على المعاناة الانسانية . كما أراد أن يقضي على المجتمع
الرأسمالي الذي يعتمد المنافسة الحرة واستغلال الفرد للآخر، فيجعل حب المرء
لأخوانه في الانسانية مبدأ مستحيلا . كما أراد أن يخلق مجتمعا يكون فيه حب
الآخرين هو الأساس وليس المعاناة . ومن جهة اخرى ، فان ماركس لم يكن مسيحيا
البتة وهذا مايقوله الاستاذ الدكتور هانس يورغن تومسن من معهد الدراسات
التاريخية في جامعة اوغهوس .
لم يكن لماركس أية تصورات حول مستقبل العلاقة بين الناس في المجتمع الاشتراكي ،
وقد ترك هذا المجال للآخرين . كما لم يكن هناك أي وصف في كتبه ، للعلاقات
الانسانية أو عن أي حب للمرء لأخيه الانسان في مرحلة مابعد الثورة . فقد رآى
ماركس أن الزمن كفيل بتبيان ذلك .
يقول هانس يورغين تومسن : - ان ماركس لم يشأ أن يعطي طابعا طوباويا. لقد اعتبر اشتراكيو السبعينات ، على وجه الخصوص ، ان أساس الانسان في مفهوم
ماركس هو الخير وحب الآخر . أو أن حقيقة الطبيعة البشرية لدى ماركس هي توخي
الخير لبعضنا البعض .
يجيب هانس :- ان ذلك هو مفهوم خاطئ. فقد كان ماركس متفقا مع المبدأ المسيحي
القائل بوجوب هيمنة رسالة حب الآخرين على أنانية الانسان وحسده ولؤمه . وعلى
الاشتراكية ان تمثل اجراءات وتدابير اقتصادية سياسية وعملية تتمكن من القضاء
على الضغينة وخلق مبدأ حب الآخرين . لقد تجامع الجناح اليساري في السبعينات
يمينا ويسارا ، فتبادل الحبيبات والجنس الجماعي وهو يعزو ذلك الى المثل
والمبادئ الاشتراكية . وكذا مارس أصحاب ماركس ، لينين وانجلز، هذه النظرية
القائلة ان ليس على وسائل الانتاج فقط ان تكون مشتركة ، وانما ان تكون متعتنا ،
نحن الذين نعيش في وحدة كبيرة ، مشتركة أيضا . كان التصور أن الانسان في
المجتمعات البدائية – النظرية الطوباوية – قد عاش بشكل جماعي فتشارك في كل شئ
حتى في الحب . وحتى حق الملكية الذي أوجده الانسان في مرحلة تطورية خاطئة ، يجب
أن يكون مشتركا أيضا . يقول هانس يورغن تومسن : " لم تكن نظرة ماركس هكذا ، كما
ان تبادل الزوجات والجنس الحر لم يكن صادرا عن نظرياته البتة ". ويضيف هانس "
من بين الاشتراكيين ، اليوم من اعترف بضلال ذلك . لقد خلق ستالين الفوضى لأنه
أراد أن يجعل أدوات الانتاج جماعية ومشتركة ، فتصور أنتَ الحالة فيما لو أراد
جعل الحب على ذات المنوال " كان ماركس ذاته عاطفيا في عشقه للنبيلة جيني فون
وستفالن . وهذا ما أظهره في رسائله الغرامية المشبوبة التي وجهها الى جيني ابنة
مدينته تيرير في المانيا ، والتي فاز بها . فتزوجته جيني بالرغم من مخاوف
عائلتها من انحدار منزلتها الاجتماعية .
الاّ ان ماركس وجيني عاشا سوية حتى الموت ، وأنجبا أطفالا ، لكن حياتهما كانت
قاسية وغير سعيدة وذلك بسبب ابعاد ماركس وطرده من مكان لآخر . يقول هانس تومسن
: " رأى ماركس قوة عظيمة ، بل ثورية أيضا ، في الحب مابين شخصين . فانه لمجرد
أن يرغب اثنان ببعضهما فانهما يحطمان كل القوانين والاصول الاجتماعية ، وهذا
ماتمثل في حب ماركس أو في روميو وجولييت شكسبير . وطبقا لماركس ، فان للحب
تأثيرا حضاريا على الانسانية ، وهو في نظره ، مفهوم بالغ الأهمية . وهنا يذكر
هانس تومسن مثالا من دانمارك اليوم : نحن نرى قوة التمرد في الحب ،عبر انتفاضة
الجيل الثاني والثالث على عادات آبائهم المغتربين ، وذلك فيما يتعلق بالزواج
المتعارف عليه والذي لم يحظَ بالقبول . فتغدو هنا الانتفاضة الثقافية مشروع حب